أضرار الهاتف على الجسم: تأثيره على العين والنوم والرقبة والسمع ونصائح لتقليل المخاطر

في عصر أصبحت فيه الأجهزة الإلكترونية مثل الهواتف الذكية والألواح الرقمية جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، نغفل كثيرًا عن الثمن الصحي الذي ندفعه مقابل هذا الاستخدام المفرط. وبينما يُسلّط الضوء كثيرًا على الإدمان والتأثيرات النفسية، نادراً ما نُركّز على الأضرار العضوية والجسدية التي قد تتراكم بصمت وتهدد جودة حياتنا.

في هذا المقال المفصل، نكشف لك أضرار استخدام الهاتف المحمول والأجهزة الإلكترونية على الجسم، من العيون والرقبة إلى القلب والعظام، مستندين إلى معلومات موثوقة بلغة مبسطة ليستفيد منها الجميع.

أولاً: العين تدفع الثمن… هل سمعت عن متلازمة الرؤية الرقمية؟

يُعدّ النظر المطول إلى الشاشات أحد أكبر مصادر إجهاد العين في العصر الحديث. يُعرف هذا الوضع باسم "متلازمة النظر إلى الشاشات".

الأعراض الشائعة

  • جفاف العين بسبب انخفاض معدل الرمش أثناء التحديق
  • تشوش مؤقت في الرؤية وصعوبة في التركيز
  • صداع متكرر خاصة بعد فترات طويلة أمام الشاشة
  • إحساس بالحرقة أو الحكة في العين

👈 نصيحة وقائية : كل 20 دقيقة من استخدام الشاشة، خذ استراحة لمدة 20 ثانية وانظر إلى شيء يبعد عنك 20 قدمًا (قاعدة 20-20-20).

ثانياً: "عنق الهاتف"… آلام الرقبة التي أصبحت مرض العصر

هل تمسك بهاتفك برأسك مائلًا للأمام لفترات طويلة؟ هذا الوضع الشائع يؤدي إلى حالة تُعرف طبيًا باسم "عنق الهاتف" أو Text Neckماذا يحدث للجسم؟

  • ضغط زائد على الفقرات العنقية
  • شد عضلي مستمر في الكتفين والرقبة
  • إمكانية حدوث انزلاق غضروفي مع الوقت

📌 تشير الدراسات إلى أن إمالة الرأس بزاوية 60 درجة تعادل ضغطًا يُقدَّر بـ 27 كغ على الرقبة!

👈 نصيحة سريعة : اجعل الشاشة في مستوى العين دائمًا، وخصّص وقتًا يوميًا لتمارين تمديد الرقبة والكتفين.

ثالثاً: الإضاءة الزرقاء واضطراب النوم… كيف يربك الهاتف ساعتك البيولوجية؟

📱 الهواتف الذكية، وخاصة في ساعات الليل، تُصدر ضوءًا أزرقًا يؤثر بشكل مباشر على الغدة الصنوبرية المسؤولة عن إفراز هرمون الميلاتونين، وهو الهرمون الذي ينظم الإحساس بالنعاس ويُهيّئ الجسم للنوم.

عندما يتعرض الإنسان لهذا النوع من الضوء ليلاً، يُرسل الدماغ إشارة مفادها أن الوقت لا يزال نهارًا، مما يؤدي إلى تثبيط إنتاج الميلاتونين وتأخير بداية النوم أو تقطيعه.

ما هي الآثار الصحية المحتملة؟

  • صعوبة في بدء النوم (الأرق)
  • نوم خفيف أو متقطع يؤدي إلى الشعور بالإرهاق في النهار
  • خلل في الساعة البيولوجية
  • قد تتأثر أيضًا مناعة الجسم والصحة النفسية على المدى الطويل

هل ترك الهاتف بجانبنا أثناء النوم يُضاعف الضرر؟

نعم، حتى وإن لم تكن تستخدمه فعليًا. ترك الهاتف بالقرب من الرأس أو على السرير قد يؤدي إلى :

  • انبعاثات ضوئية خفيفة من الإشعارات والتنبيهات التي تؤثر على العين في الظلام. 
  • الانجذاب اللاواعي لاستخدام الهاتف إذا استيقظت في منتصف الليل
  • التعرض لمجالات كهرومغناطيسية ضعيفة رغم أنها غير مثبتة طبيًا كخطر مؤكد، لكن من الأفضل تقليلها قدر الإمكان أثناء النوم

📌 معلومة موثوقة

الأكاديمية الأمريكية لطب النوم (AASM) توصي بإبقاء الهاتف خارج غرفة النوم تمامًا لتقليل كل المحفزات المزعجة للنوم.

🌙 نصائح تطبيقية لتقليل تأثير الأشعة الزرقاء على نومك

  • استخدم "الوضع الليلي" أو "فلتر الضوء الأزرق" يوجد في معظم الهواتف خاصية تُدعى "Night Shift" أو "Blue Light Filter" تخفف من شدة اللون الأزرق وتحوله إلى طيف دافئ.
  • اضبط الهاتف على "عدم الإزعاج" قبل النوم لتفادي الإشعارات التي قد توقظك أو تدفعك لفتح الشاشة.
  • استخدم نظارات مضادة للضوء الأزرق وهي متوفرة في الأسواق وتُلبس عند استخدام الشاشات ليلاً.
  • خصص ساعة على الأقل قبل النوم خالية من الشاشات استبدلها بقراءة كتاب ورقي أو الاستماع لموسيقى هادئة.
  • ضع الهاتف بعيدًا عن السرير يفضّل أن يكون خارج الغرفة أو على طاولة تبعد أكثر من مترين عنك.
  • استخدم منبّهًا تقليديًا بدلًا من منبّه الهاتف.

رابعاً: قلة الحركة وزيادة الوزن… خطر خفي لا يشعر به كثيرون

الاستخدام الطويل للأجهزة، خاصة أثناء الجلوس، يؤدي إلى نمط حياة خامل يؤثر على الجسم بطرق عدة:

التأثيرات العضوية:

  • بطء عملية الأيض (التمثيل الغذائي)
  • تراكم الدهون في محيط البطن
  • زيادة خطر الإصابة بـ السكري من النوع 2 وأمراض القلب

📌 دراسة حديثة من منظمة الصحة العالمية أكدت أن الجلوس أكثر من 8 ساعات يوميًا دون حركة يعادل خطورة التدخين!

👈 نصيحة صحية : حدد منبّهًا كل ساعة لتذكيرك بالوقوف والتحرك لمدة دقيقتين، ومارس تمارين بسيطة حتى أثناء الجلوس.

خامساً: الجهاز العصبي الطرفي تحت الضغط… هل سمعت عن متلازمة النفق الرسغي؟

الاستخدام المكثف للأجهزة، خاصة الكتابة على الهواتف أو الحواسيب، قد يؤدي إلى ضغط في الأعصاب المحيطية، خاصة عصب اليد. من أعراض الاستخدام :

  • خدر وتنميل في الأصابع (خصوصًا في الليل)
  • ألم في المعصم يمتد إلى الذراع
  • ضعف في عضلات اليدين

👈 تمرين سريع لتقوية الأعصاب 

افرد يدك بشكل مستقيم، وافتح أصابعك واغلقها ببطء 10 مرات، ثم حرك المعصم بشكل دائري.

سادساً: هل تؤثر الإشعاعات الكهرومغناطيسية على الجسم؟

الهواتف المحمولة تُطلق موجات راديوية منخفضة التردد، ويُثار منذ سنوات جدل علمي حول تأثيراتها.

📌 حسب منظمة الصحة العالمية (WHOلا يوجد دليل قاطع يربط بين إشعاعات الهاتف وأورام الدماغ، لكن الاستخدام الطويل على المدى البعيد يستدعي الحذر.

👈 إجراء وقائي : استخدم سماعات الأذن أو مكبر الصوت عند المكالمات الطويلة، وأبعد الهاتف عن الجسم أثناء النوم.

سابعاً: التأثير غير المباشر… قلة التعرض لأشعة الشمس والحركة

الجلوس لساعات أمام الشاشات يعني قضاء وقت أقل في الخارج، مما يقلل التعرض لأشعة الشمس التي يحتاجها الجسم لتصنيع فيتامين Dماذا ينتج عن نقص فيتامين D؟

  • ضعف العظام وزيادة خطر الكسور
  • انخفاض المناعة والإرهاق العام
  • خطر الإصابة بهشاشة العظام على المدى البعيد

👈 نصيحة ضرورية : احرص على التعرض للشمس يوميًا لمدة 15–30 دقيقة، خاصة في ساعات الصباح.

🎧 هل تؤثر الهواتف وسماعات الأذن على السمع؟

1. الضوضاء المفرطة تؤدي إلى فقدان السمع التدريجي

عندما تستمع إلى الصوت بمستوى مرتفع لفترة طويلة، تبدأ الخلايا الشعرية الدقيقة في الأذن الداخلية (القوقعة) في التضرر.

وهذا النوع من الضرر يُعرف طبيًا بـ فقدان السمع الناتج عن الضوضاء، وهو تدريجي وغير مؤلم، مما يجعله صامتًا وخطيرًا.

📌 منظمة الصحة العالمية تؤكد

أكثر من مليار شاب حول العالم معرضون لفقدان السمع بسبب الاستماع للموسيقى بصوت مرتفع من خلال سماعات الرأس.

2. طنين الأذن (الصفير الداخلي)

الاستخدام المتكرر لسماعات الهاتف قد يسبب طنينًا في الأذن (أو ما يُشبه صفيرًا أو أزيزًا داخليًا)، وهو مؤشر مبكر على تأثر الأعصاب السمعية.

3. العدوى والتهاب الأذن

استخدام سماعات الأذن لفترات طويلة – خاصة إذا لم تُنظف بانتظام – قد يؤدي إلى:

  • زيادة رطوبة قناة الأذن
  • تراكم البكتيريا
  • التسبب في التهابات فطرية أو بكتيرية

نصائح لحماية السمع عند استخدام الهاتف أو السماعات:

  • لا تتجاوز 60% من حجم الصوت الأقصى
  • لا تستخدم السماعات لأكثر من 60 دقيقة متواصلة
  • (قاعدة 60/60 الشهيرة لحماية الأذن)
  • اختر سماعات عازلة للضجيج الخارجي لتجنب رفع الصوت
  • نظّف سماعات الأذن بانتظام
  • أعطِ أذنيك وقتًا للراحة بين الفترات الطويلة

متى يجب زيارة طبيب الأنف والأذن؟

  • إذا شعرت بطنين مستمر في الأذن
  • ضعف مفاجئ أو تدريجي في السمع
  • ألم أو ضغط داخل الأذن
  • الشعور بانسداد الأذن دون سبب واضح

في زمنٍ أصبحت فيه الأجهزة الإلكترونية محورًا لحياتنا اليومية، من الضروري أن نُوازن بين استخدامها وراحتنا الجسدية والنفسية. فالأضرار التي قد لا نُلاحظها اليوم، قد تتراكم بصمت وتهدد صحتنا على المدى البعيد.

الوعي بالمخاطر واتّباع خطوات وقائية بسيطة — مثل تقليل زمن الشاشة، تصحيح وضعية الجلوس، حماية العيون والأذنين، وتخصيص وقت للحركة والتعرض للشمس — يمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا.

فلنجعل التكنولوجيا تخدمنا، لا أن نستسلم لها على حساب صحتنا. 💡

تعليقات